مختصر تاريخ الجزائر من العهد النوميدي الى بداية الإحتلال الفرنسي


أجمع المؤرخون على أن "الدولة الجزئرية الأولى" ظهرت في القرن الثالث قبل الميلاد تحت مسمى "مملكة نوميديا " بعد أن تمكن "ماسينيسا" من توحيد وضم "نوميديا الشرقية و الغربية "و ضمها الى حكمه ، أقام دولة قوية عاصمتها "سيرتا" (قسنطينة حاليا ) ، دام حكمه 50 سنة تميزت فيها "نوميديا" بنظام سياسي و إقتصادي قوي ،صك عملة بإسمه و إهتم بالزراعة و الري ، أقام عدة علاقات تجارية مع القوى المجاورة انذاك "كروما" و "اسبانيا" و "اليونان" و "قرطاجة" ، أما عسكرا فقد أسس جيش قوي أرعب به "روما" و "قرطاجة" ، مما جعل "روما" تسعى للقضاء على حليفها السابق بعد أن شعرت بالتهديد لأن إقامة دولة قوية في شمال أفريقيا كان سيقضي على أطماعها التوسعية ، بذلك إجتاح "الرومان" شمال أفريقيا ، فقاومهم "النومديون" ببسالة و يعد الملك "يوغرطة " من أبرز من قاوم "الرومان" فقد حاربهم و هزمهم في مواقع عديد ، مما جعلهم يستعملون أسلوب الخداع و الخيانة للقضاء علييه بتواطؤ صهره "بوكوس" ملك "موريطانيا" الذي سلمه" للرومان" فسجن حتى مات من ششدة التعذيب ،تواصلت بعدها مقاومات "النوميديون" للإحتلال "الروماني" كما قاوموا بعدها الإحتلال "الوندالي" و "البيزانطي" .

  • الدولة الأموية :


بعد الفتح الإسلامي للمنطقة تحولت الى ولاية تابعة للدولة "الأموية" على يد الخليفة الأموي "معاوية بن ابي سفيان" و كان ذلك بعد أن عين "بن حديج الكندي" واليا على "أفريقيا" ، و بينما كان المشرق يعيش صراعا حول الخلافة انتهز إمبراطور "بيزنطة" هذه الفرصة و بعث بجيش لإحتلال شمال أفريقيا و طرد حاكمها الذي بدوره إلتجأ الى "معاوية" طالبا منه النجدة ،فقام" معاوية " بتكليف "إبن حديج" و أمده بجيش كبير لغزو أفريقيا ، و بعد الغزو هزم الجيش "البزنطي" بسهولة .

و في العهد الخلافة "العباسية " إستمرت الثوورات بين الجيوش العربية و الخوارج و تمكن "ابو الخطاب" من هزم جيش "العباسيين" و إستولى على "القيروان" و عين الإباضي "عبد الرحمن ابن رستم" حاكما عليها ثم عاد إلى "طرابلس" و في سنة 144هـ شن القائد "محمد بن الأشعب" حملة من "مصر" بـ 40 ألف فارس زحف بها على أفريقيا و تمكن من قتل "أبو الخطاب" ثم إستولى على القيروان فغادر "أبن رستم" و توجه إلى "تاهرت" بالجزائر و هناك أسس "الدولة الرستمية" التي لعبت دورا هاما في تاريخ النضال الأفريقي.


  • دولة الأدارسة:


لم يقع في عهدهم أي تقدم يذكر ماعدا بعض الهدوء النسبي و الإستقرار داحل الدولة و بناء مدينة "فاس" و مسجد "القيروان" ، و لما قسمت الدولة بين أمراء العائلة الحاكمة في عهد "محمد ابن إدريس" بدأت السطة تضعف إلى حد أنهم فقدوا نفوذهم في بعض أقاليم مملكتهم بسسب التنافس على السلطة بالإضافة لإهمالهم و ضعفهم العسكري مما شجع "العبيدين الفاطميين" على الزحف عليهم فقضو على جيش "زتانة" و استولو على "المغرب" ، إلا أن هذا لم يقلص من دور "الأدارسة" و فضلهم في نشر الإسلام و تعميم اللغة العربية في بعض القبائل و ساد في عهدهم رخاء إقتصادي نسبي و كانت حياتهم في المجال الفكري ضعيفة جدا .


  • الدولة الأغلبية :


دام وجودها "قرن و تسعة سنوات" تميزت بالإستقرار و الأمن عدا بعض الإضطرابات التي طهرت في عهد "ابراهيم بن الأغلب" و "زياد الله الأول" ، و تمكنوا من القضاء عليها بسرعة إضافة الى دورهم الفعال في تحريك النشاط الثقافي و الإقتصادي و خاصة مشاريع الري الكبرى التي أنجزوها و التي وفرت لهم عوامل الرخاء و الرقي.


  • الدولة الفاطمية:


إستمرت الدولة الرستمية الى غاية سقوطها على يد "الفاطميين" الذين إجتاحوا "تيهرت" 909 م فقد دخلت الدولة "الفاطمية" من المشرق الى المغرب بواسطة الداي "أبو عبد الله الصنعاني" الذي كان معتنقا للمذهب "الشيعي الإسماعيلي" و أثناء تأديته لفريضة الحج في عهد الخلافة العباسية إلتقى في مكة بجماعة من أفراد قبيلة كتامة فسحرهم بقوة شخصيته و فصاحة لسانه و غزارة علمه ثم رافقهم الى بلاد المغرب الأوسط حيث استقر هناك في بلدة كتامة قرب بجاية و شرع في نشر مذهبه الشيعي الإسماعيلي مدة 7 سنوات ، لقت خلالها دعوته أتباعا و أنصارا كثيرينّ ، و لما عظم شأنه شرع في تظيم أتباعه سياسيا و عسكريا و بدأ بمهاجمة الجيوش الأغلبية في الشرق الجزائري و استولى على مدينة ميلة و بعدها كون جيشا كبيرا و زحف نحو دولة بني الأغلب و إستولى على القيروان و إعلن بذلك قيام الخلافة الفاطمية سنة 296 م.

خلاصة القول ان الفاطميين لم يقوموا بدور حضاري كبير مقارنة بالدولة التي سبقتهم بسبب إهتمامهم بتطوير الجانب العسكريلقمع الثورات الداخلية التي ميزت تلك الفترة ، كما أن سكان أفريقيا السنيين لم ينسجموا مع مذهبهم الشيعي الإسماعيلي لكن هذا لم يمنعهم من الإهتمام بالجانب العلمي فقد إزدهرت الحياة الثقافية في عهدهم فكثرت حلقات العلم و إنتشرت حركة التأليف و ظهر بذلك الكثير من المؤلفين في الفقه الشيعي و في الطب و اللغة و الأدب بالإضافة الى إعتنائهم بالدانب الفلاحي و التجاري و الصناعي .

  • الدولة الصنهاجية:

تولى بلكين بن زيري الصنهاجي شؤون إفريقيا (تونس) و المغرب سنة 362 هـ بعد إنتقال المعز بالخلافة الفاطمية إلى مصر و عهد له بالإمارة ، فإختاره المعز لخصاله التي تميز بها من شجاعة و عزم و للدور الفعال الذي لعبته قبيلة صنهاجة في التمكن من الدعوة الفاطمية بالمغرب الأوسط و مساندته في القضاء على ثورة قبائل زتانة المعادية و الموالية للخلفاء الأمويين بالأندلس.

و فث عهد المعز بن باديس بعد وفاة بلكين إندلعت ثورة دموية بين الشيعة الفطميين و السنيين الغاربة ، فساند المعز أتباع السنة و قططع علاقته بالخلافة الفاطمية سنة 435 هـ ، و لعد أن وصل الخلافة الفاطمية في مصر نبأ إنفصال صنهاجة عنها تم تسريح العرب الى أفريقيا حتى يقضوا على الصنهاجيين فسلطو عليهم اعراب بني هلال و سليم ، فخرج عليهم المعز و لم يتمكن منهم و لما رأى ما فعلوه بالقيروان من نهب و تخريب و فساد و إضطهاد لسكانها بادر الى صلحهم ، و لما خلفه ابنه تميم ابن المعز قسمت الدولة الصنهاجية الى عدة مملكات و كانت أشبه بالأندلس في عهد ملوك الطوائف مما أدى لضعفها و تسلط النرمان عليها فإنتزعو منهم جزيرة صقلية 484 هـ و استولو على المهدية 532 هـ و فر منها الحسن بن علي أخر أمراء صنهاجة الشرقية


  • دولة الحماديون :


بعد الإتفاق الزيري الحمادي شرع حماد بن بلكين في تأسيس عاصمته القلعة سنة 398 هـ الموجودة بالقرب من مدينة اشير جنوب غرب مدينة برج ابي عريريج ، و شيد المباني و المساجد و أحاطها بأسوار و أبواب و أقبل عليا المسلمون من أفريقيا و المشرق كتجار و حرفيين و فقهاء حتى أصبحت مدينة كبيرة و مزدهرة ، فبعث له الأمير باديس رسولا يطلب منه التنازل عن مدينة قسنطينة لإبنه المعز فرفض حمادو اعلن الطلاق مع الدولة الزيرية و إستبدل الخلافة الفاطمية بالعباسية فبادر باديس بالهجوم عليه و ألحق به هزيمة نكراء إلى أن توفي بعد حصاره سنة ، فواصل المعز بن باديس حربه ضد حماد انتهت بالصلح بينهم و الإعتراف بحكم الدولة الحمادية على المغرب الأوسط و بعد و فاته تناوب على منصب الحكم العديد من الخلفاء كان اخرهم العزيز بن منصور في عهده هاجم الحماديون افريقيا مرتين و استرجعوا فيها مدينة تونس.


  • دولة المرابطين :


يعود أصلهم إلى قبيلة صنهاجة البربرية استوطتوا الصحراء الكبرى ، تأسست دولة المرابطين على يد قبيلة لمتونة و هم من البدو و يرجع الفضل إليهم في نشر الإسلام في دول أفريقيا السوداء بسبب علاقاتهم التجارية في تلك المناطق و بلغ الإنحلال الخلقي و الفساد منتهى الخطورة في عهد الأميرة يحي بن ابراهيم و عند سفره لأداء فريضة الحج أناب إبنه إبراهيم ، و في طريقه نحو العودة مر بالقيروان تزود بالعلم الغزير من الإمام أبي عمران الفاسي إمام المذهب المالكي هناك ، و عند قرب عودته للديار طلب منه أن يبعث معه فقيها ليعلم الملثمين دينهم فتطوع عبد الله بن ياسين و هو شديد التدين ، و عند وثوله شرع في مهمة الوعظ و الإصلاح فأمرهم بالصلاة في وقتها و حار المفسدين و لما رفضو دعوته رحل عنهم رفقة 7 من أشراف القبيلة و الأمير يحي بن ابراهيم ، اتقرو في نهر النيجر و تدربو على فنون القتال بعدها قرروا بناء دولتهم حسب المذهب المالكي و لما شاع أمرهم توافد الملثمون عليهم حتى اصبحوا 1000 رجل فطالبهم بالخروج للجهاد معه .


  • دولة الموحدين :


تمكن الموحدون من توحيد كل المغرب العربي تحت راية واحدة و ذلك بصم كل من الجزائر و المغرب و تونس تحت سلطة مركزية واحدة بفضل الدهاء العسكري و السياسي للشخصية الجزائرية عبد المؤمن بن علي ، حيث أسس و قاد جيش قوي تمكن من توحيد بلاد المغرب و الأندلس في دولة تركت بصمتها في سجل التاريخ بفضل دوره الفعال في الدفاع عن الأندلس التي كانت على وشك السقوط في ايادي النصارى في بداية العهد الأول للموحدين ، كما عرف عهدهم تطرا حضاريا لابأس به و تميز بالأمن و الإستقرار ، و كانت الجليات الأجنبية من مسحيين و يهود موضع احترام ، كما سمححت هجرة بني هلال الى الغرب العربي على تعريب العديد من القبائل ،إضافة الى العائلات الأندلسية التي فرت من الأندلس إثر سقوط العديد من أقاليمها في يد النصارى و حملت معها الفنون و العلوم و ساهمت بها في التقد الحضاري لربوع شمال افريقيا

بعد سقوط لموحدين في 1235 م إنقسمت المنطقة الى 3 دول :
الدولة الزيانية في تراب الجزائر.
الدولة الحفصية في تونس .
دولة المرينيين في المغرب الأقصى .


  • الدولة الزيانية :


إتخذت من تلمسان عاصمة لها و تميزت بإزدهارها الفكري و الإقتصادي حيث كانت تصدر منتوجاتها للخارج بإستعمال الموانئ البحرية و من أ[رز قادتها نذكر أبو يحي ياغسوان بن زيان

إشتدت الحملات العدوانية على السواحل الجزائرية خاصة عند سقوط غرناطة و هجرة مسلمي الأندلس إلى سواحل المغرب العربي فإحتلت إسبانيا أغلب المدن الساحلية الجزائرية مستغلة ضعف الدولة الزيانية و عجزها عن صد العدوان ،فإستنجد الجزائريون بالبحارة العثمانيون لمجابهة العدوان ، فأعلن العثمانيون الجهاد في حوض المتوسط ، وحل الأخوين عروج و خير الدين بربروس بطلب من أعيان الجزائر بعد طلبهم ليد المساعددة من العثمانيين
سنة 1519م بعث أعيان الجزائر إلى السلطان العثماني سليم الأول في إسطمبول لإبلاغه برسالة مفادها مطالة الجزائريين الإنظمام إلى الدولة العثمانية لتكون لهم سند في مواجهة المسيحي الصليبي بقيادة اسبانيا الذي استفحل و طغى في حوض المتوسط ، فوافق السلطان و عين خير الدين بربروس حاكما لإيالة الجزائر برتبة بايلر باي.


  • الدولة العثمانية :


تمتعت الجزائر في العهد العثماني بالسيادة و الإستقلال الذاتي ، سنة 1519م أصبحت مدينة الجزائر الحالية عاصمة للدولة تسممى دار السلطان و قسم الإقليم الجزائري في العهد العثماني الى 3 ولايات كبير تحت مسمى :

1) بايلك الشرق .
2) بايلك الغرب .
3) بايلك التيطري .
و كل بايلك يحكمه حاكم برتبة باي
عملت الجزائر في تلك الفترة على تعزيز أسطولها البحري و ذلك بإستحداث ورشات بناء السفن و صناعة المدافع لتكون القوة العسكرية هي الأساس للدفاع عن الجزائر داخليا و خارجيا ، فكان الأسطول الجزائري الى نهاية القرن 19 مهيمنا على غرب المتوسط ، فسارعت الدول العظمى خلال تلك الفترة الى التقرب من الجزائر طلبا لحمايتها حيث ووقعت أكثر من 39 معاهدة مع أغلب الدول كبريطانيا و النمسا و هولندا و الدنمارك بغرض ضمان حماية سفنها عند العبور على الحوض المتوسط مقابل أموال تدفعا تلك الدول للجزائر ، و كانت السفن الأمريكية عند وصولها الى جبل طارق ترسل الى البحارة الجزائريين لإعلامهم بدخول المتوسط و طلب حمايتهم من هجومات القراصنة الأوروبيين ، فكتبت بذلك الجزائر بأسطولها انتصارات باهرة في سطور التاريخ على أعتى الجيوش و الأساطيل في العالم .
سنة 1541 م إستغلت اسبانيا غياب خير الدين بربروس و أغلب الأسطول الجزائري و شنت حملة عسكرية على الجزائر بقايدة شالوكان امبراطور اسبانيا و روما المقدسة ، تصدت فيها الجزائر بما بقي فيها من الأسطول الجزائري بقيادة حسن باي خير الدين ، منيت خلالها اسبانيا بهزيمة نكراء قام على اثرها شارل لوكان امبراطور إسبانيا و روما المقدسة برمي تاجه على الأرض و إعتزال العرش .
سنة 1571 تكون تحالف صليبي فاجأ الأسطول العثماني منيت على إثرها الدولة العثمانية بأول هزيمة بحرية في تاريخيها و لولا تدخل الأسطول الجزائري بقيادة العلج علي لأبييد الأسطول العثماني كله .
كانت معركة نافارين 1827 م بمثابة نهاية القوة الأطولية العثمانية فتحطمت أغلب وحدات الأسطول الجزائري التي كانت تقاتل الى جانب الأسطول العثماني فإستغلت فرنسا الوضع و قامت بإحتلال الجزائر بعد حصار دام 3 سنوات .



لتستمر بعدها سيرورة بطولات و أمجاد الدولة الجزائرية عبر التاريخ بعد مقاومات عنيفة و معارك دامية استمات فيها الجزائريون فصنعوا أروع ملاحم التضحية و الجهاد و المقاومة تكللت فيما بعد بحصول الجزائر على إستقلالها من فرنسا سنة 1962 ليبدأ عهد جديد من الحرية و الإستقلال .
أخبار العالم
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع الإخبارية .

جديد قسم : تاريخ الجزائر

إرسال تعليق