" قصة سقيفة بني ساعدة و مبايعة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه "


🔹ابو بكر : ( أول الخلفاء الراشدين )

هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ، كان يسمى في الجاهلية "عبد الكعبة" فسماه النبي ﷺ "عبد الله" ، و لقبه بـ "عتيق" لحسن وجهه و عتقه من النار ، و بالصديق لأنه بادر الى تصديقه خاصة صبيحة الإسراء ، و لد بمكة بعد عام الفيل بعامين و أشهر ، عمل بزازا يتاجر بالثياب ، هو أول من أسلم من الرجال و بعد إسلامه ترك التجارة و تفرغ للدعوة للإسلاة مع النبي ﷺ .
إشتهر بعفته و خصاله الحميدة ، لم يشرب الخمر في الجاهلية كما كان انه كان متواضعا في أخلاقه و ملبسه و مشربه و طعامه و كثير البذل و العطاء ، أسلم بدعوته كثير من العرب الذين إفتخر بهم الإسلام أمثال "عثمان إبن عفان" و "الزبير إبن العوام" و "سعد إبن أبي وقاص" رضي الله عنهم ... وغيريهم الكثير
هو الذي قال فيه الحبيب المصطفى ﷺ :" ما لأحد عندنا يد إلا و قد كافأناه إلا أبا بكر ، فإن لع عندنا يدا يكافئه الله عز و جل بها يوم القيامة " .
روى ابو بكر 142 حديثا عن النبي ﷺ .


🔹إجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة :

 ( في المدينة المنورة : هي ظلة كانو يجلسون تحتها ، و بنوا ساعد هم حي من الأنصار ):
- بعد وفاة النبي ﷺ في "12 ربيع الأول عام 11 هـ" في "المدينة" ، برزت مسألة الحفاظ على إنجازاته من دين و دولة اي مسألة من سيخلفه ، و قد برزت لدى كبار الصحابة من الأنصار " الأوس و الخزرج " قضية اختيار الخليفة ، و ذلك لأنه في "القرآن الكريم" لم يرد اي نص صريح يحدد أسس انتخاب خليفة الرسول ﷺ لكن "القرآن" دعى إلى الشورى مثلما هو موضح في الأية 159 من سورة آل عمران بعد البسملة : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) "صدق الله العظيم" .
و الآيتين رقد 37 و 38 من سورة الشورى بعد بسم الله الرحم الرحيم : وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴿37﴾وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿38﴾ . "صديق الله العظيم"
فالنظام و الطبيعة القبلية آنذاك دعمت جملة التناقضات و الصراعات التي تفجرت بعد وفاة الرسول ﷺ ، و هو ما يفسر تسابق كل قبيلة على أن يكون الأمر لها دون غيرها ، "فالأنصار" يخشون "قريشا" و "المهاجرين" إن هم إستأثروا بالحكم ، و تخشى كل من "الأوس" و "الخزرج " صاحبتها ، و لم يكن الوضع في "مكة" أقل مما هو عليه في المدينة فقد "سعي أبو سفيان بن حرب" في إيغار صدر "علي رضي الله عنه" على "ابي بكر رضي الله عنه" . ، و تذكر المصادر بأن "الأنصار" إجتمعو في "بني ساعدة" للتباحث فيمن يتولى الأمر بعد وفاة الرسول ﷺ ، و يبدوا ان الدعوة للإجتماع تمت في عجل دون إعلام المهاجرين ، او ان بعض الأنصار كانوا قد تذاكوا في أمر من يخلف النبي ﷺ و ذلك خلال مرضه و انهم توقعوا وفاته و بعد أن حصلت الوفاة دعوا الى هذا الإجتماع و إجتمعوا .
و يقول "الطبري" : "إن النبي ﷺ لما توفي إجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا نولي هذا الامر بعد محمد ﷺ سعد بن عبادة ".
و الراجح أن "الأنصار" كانو مدفوعين بعدة عوامل للإجتماع على عجل لعلى أهم تلك العوامل :
- كانت مسألة خلافة النبي مسار جدل إتسم بالحدة أحيانا و قد تولى كل من "سعد بن عبادة" و "الحباب بن المنذر" التكلم بإسم الأنصار عامة، و قد إفتتح الأول المناقشة بخطبة تشير الى ان "الأنصار" أعطوا لانفسهم الحق بالتفرد في تقرير مصير خلافة النبي ﷺ ، و قد عللوا موقفهم بأسباب موجبة لا تخرج عن موقفهم المشرف من الدين و صاحبه و نصرتهم له ، و خذلان أكثر العرب له و عجز المهاجرين عن حمايته بل و حماية أنفسهم مما أدى بهم الى الهجرة لمدينة الانصار .
- و يبدوا أن بعض "الانصار" أدركوا بعد ذلك حقيقة و ضعهم في أنهم ليسوا و حدهم أصحاب الحق في تقرير أمر الخلافة و بعد مناقشة هادئة بين "الأنصار" و "المهاجرين" انتهت الى القول بالثنائية في الحكم " منا امير و منكم أمير "
و كان "الحباب ابن المنذر" صاحب هذه النظرة التي جاءت كجواب على الرفض القاطع "للمهاجرين" بل في تفرد "الأنصار" بالإمارة دون سواهم .

🔹 موقف المهاجرين :

- في تلك الفترة انشغل "المهاجرون" بوفاة النبي ﷺ و جهازه و دفنه و بعضهم ما تزال الصدمة تملأ نفسه و بعضهم لم يفكر أصلا في إختبيار الخليفة معتقدا أن هذا آخر ما سوف يتم الإختلاف فيه .
و لما بلغ خبر إجتماع "السقيفة" مسامع "ابى بكر الصديق" و عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما ، توجها مسرعين الى هناك لخطورة الموضوع المطروح ، و في طريقهم الى هناك إلتقيا بأبى "عبيدة ابن الجراح" فاخذاه معهما ، و عند وصولهم القى "ابى بكر رضي الله" عنه خطبة في المجتمعين بيّن فيها و جهة نظر المهاجرين عامة من قضية إختيار خليفة الرسول ﷺ ، تضمنت تلك الخطبة الأسباب التي توجب أن يكون الأمراء من المهاجرين و ذلك لأنهم اول من عبد الله و آمن به و بالرسول ، و هم أولياء الرسول و عشيرته و أحق الناس بهذا الامر من بعده ، لا ينازعهم في ذلك إلا ظالم و حتى إنتهاء "ابى بكر" من خطبته التي وجهها للأنصار لم يكن المهاجرون قد إستقروا على تحديد الخليفة و يدل ذلك على أن إهتمامهم كان بالمبدأ و ليس بالأشخاص على عكس "الأنصار" الذين كانت رؤيتهم واضحة و قدموا مرشحهم سعد بن عبادة .

🔹 بيعة ابى بكر :

لم تنفرج ازمة اجتماع "السقيفة" إلا بعد تأييد "بشير بن سعد الانصاري ابو النعمان بن بشير" و هو من "الخزرج" موقف "المهاجرين" ، فقد خشي "الأوس" أن يتزعم الأمة "خزرجي" و كذالك كانت "الخزرج" تخشى ان يترأس "اوسي" حكم المسلمين ، فإستغل "ابو بكر" في تلك اللحظة تحول الموقف لصالح "المهاجرين" و رأى ان الفرصة سانحة لإقفال باب المناقشة ، فدعى المجتمعين الى مبايعة "عمر ابن الخطاب" او "ابي عبيدة بن الجراح" ، لكن "عمر" ابى الا ان يتولاها "ابى بكر" أفضل المهاجرين و خليفة رسول الله عليه الصلاة و السلام و طلب منه ان يبسط يده لمبايعته ، فسبقه "بشير بن سعد" و "اسيد بن حضير" ثم اقبل "الأوس" و "الخزرج" على مبايعته ثم بادر "اهل السقيفة" بمبايعته ، و لم يتبقى احد لم يبايعه سوى "سعد بن عبادة" ، و في اليوم التالي بويع "ابو بكر" البيعة العامة في المسجد .
جرت هذه الوقائع في الوقت الذي انشغل فيه "علي بن ابي طالب" و "الزبير بن العوام" و نفر من "بني هاشم" و "طلحة بن عبيد الله" بجهازة النبي و دفنه فغابوا عن اجتماع السقيفة و عليه لم يكن "لعلي" رضي اله عنه رأي مباشر في النقاش لكنه بايع "ابى بكر" و اتفق مع جماعة المسلمين .


المرجع :  د/محمد سهيل طقوش ،  " تاريخ الخلفاء الراشدين : الفتوحات و الإنجازات السياسية "
أخبار العالم
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع الإخبارية .

جديد قسم : منوعات ثقافية

إرسال تعليق